إجراءات فتح مسطرة الإنقاذ
إجراءات فتح مسطرة الإنقاذ
إن الاجراءات التي يجب التقيد بها من أجل فتح مسطرة الإنقاذ وجوب تقديم طلب خاص من قبل رئيس المقاولة، و إلزامية إرفاق هذا الطلب بالوثائق المحددة قانونا وبمشروع مخطط الإنقاذ.
أولا:تقديم الطلب من قبل رئيس المقاولة مع ارفاق الطلب بالوثائق المحددة قانونا
* تقديم الطلب من قبل رئيس المقاولة
يتبين من خلال مقتضيات المادة 561 من مدونة التجارة أن رئيس المقاولة هو الشخص الوحيد الذي له الصفة في تقديم طلب فتح مسطرة الإنقاذ، تحت طائلة عدم القبول دون غيره باعتباره الممثل القانوني للمقاولة وهذا يعني أن المحكمة ليست لها الصلاحية في فتح المسطرة تلقائيا، ونفس الشيء بالنسبة للدائنين والنيابة العامة. على خلاف مسطرة التسوية والتصفية القضائية التي يمكن أن تفتح بطلب من الأغيار”[1].
فرئيس المقاولة حسب الفقرة الثانية من المادة 546 من مدونة التجارة، هو الشخص الذاتي المدين أو الممثل القانوني للشخص الإعتباري المدين، لذلك لا يمكن لغير رئيس المقاولة تقديم طلب فتح مسطرة الإنقاذ إلا في حالة واحدة حيث يجوز للشركاء ممارسة مسطرة العزل التلقائي أو القضائي للممثل القانوني للشركة.
أما في حالة وفاة الشخص الذاتي المدين، فإنه وللأسف لا يمكن للورثة أن يحلو محله في ممارسة طلب فتح مسطرة الإنقاذ، لأن الفقرة الرابعة من المادة 546 من مدونة التجارة لم تتح لهم حلول محل الهالك إلا بعدما يتم فتح المسطرة من طرفه ويتوفى بعد ذلك، ويقوم السنديك بإشعارهم، وبالتالي فإن هذه الفقرة لم تفترض حالة ما قبل فتح المسطرة. لكن مع ذلك يجوز لهم تقديم طلب فتح مسطرة الإنقاذ إذا قاموا بتوكيل أحد الورثة إذا بقيت المقاولة قائمة بعد تصفية التركة .
*إرفاق الطلب بالوثائق القانونية المحددة
عمل المشرع على إلزام رئيس المقاولة عند عزمه على تقديم طلب فتح المسطرة بإرفاق طلبه هذا بمجموعة من الوثائق التي حددها في المادة 577 من مدونة التجارة.[2]
كما أوجب المشرع أن تكون الوثائق المقدمة من طرف رئيس المقاولة مؤشر عليها ومؤرخة، إضافة إلى إمكانية الإدلاء بكل وثيقة تعزز طلبه وتبين بشكل واضح نوع الصعوبات التي تعتري نشاط المقاولة، وفي حالة تعذر تقديم إحدى هذه الوثائق أو الإدلاء بها بشكل غير كامل[3]. تنذر المحكمة رئيس المقاولة قصد الإدلاء بالوثائق التي تعذر عليه الإدلاء بها أو بإتمام الوثائق التي أدلى بها بشكل غير كامل. كما يتوجب عليه أيضا أن يبين الأسباب التي حالت دون ذلك، وأن يضع الطلب في كتابة ضبط المحكمة المختصة.
والهدف من تقديم هذه الوثائق هو الوقوف على الوضعية الحقيقة للمقاولة، ولمعرفة ما إذا كانت المقاولة طالبة فتح مسطرة الإنقاذ تعاني حقا من صعوبات أم أنها تحاول التماطل وتأجيل تنفيذ التزاماتها اتجاه الأغيار أو حتى إخفاء واقعة التوقف عن الدفع[4]، فالمدين قد يلجأ إلى مسطرة الإنقاذ من أجل التحايل على حقوق الدائنين وتأخيرها، فالمحكمة ملزمة في هذه الحالة من التأكد من جدية الطلب وذلك بإجبار المدين على تبيان الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة، وذلك بتقديم كل وثيقة مدعمة ومثبتة لذلك، والمحكمة قبل البث بشأن مسطرة الإنقاذ فإنه يمكنها أن تجمع المعلومات الخاصة بالحالة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة ويمكن لها الإستعانة بخبير [5].
وحيث إن المادة 561 من مدونة التجارة أقرت إمكانية فتح مسطرة الإنقاذ لكل مقاولة إذا توافرت شروط افتتاحها دون تحديد أجل لتقديم الطلب على خلاف مساطر المعالجة التي توجب على رئيس المقاولة بصفة إلزامية تقديم طلبه دخل أجل 15 يوما التي تلي توقفه عن الدفع.
ويترتب على عدم إرفاق طلب فتح المسطرة بمشروع مخطط الإنقاذ عدم قبول الطلب. وهو ما يفيد على أن هذا الإجراء يبقى ضروريا لفتح مسطرة الإنقاذ وإلا كان مصيره عدم القبول والملاحظ أن المادة 577 من مدونة التجارة قد حددت العناصر الأساسية التي يجب أن يتضمنها مشروع مخطط الإنقاذ، إذ تعتبر بيانات إلزامية تنم عن مدى جدية طالب فتح المسطرة وتساعد المحكمة على مراقبة مدى قدرة المدين على تنفيذها[6]، فإذا تبين للمحكمة أن هناك معايير لتسوية وضعية المقاولة وتسديد ديونها قضت باستمرارية المقاولة، أما إذا بلغ لعلمها كون الصعوبات بلغت درجة يصعب معه إنقاذها فإنها تفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية للمقاولة حسب الحالات .
ثانيا:إرفاق الطلب بمشروع مخطط الإنقاذ
بالإضافة للوثائق المذكورة في المادة 577 من مدونة التجارة، يجب على رئيس المقاولة أن يرفق طلبه بمشروع مخطط الإنقاذ بناء على المادة 562 من نفس القانون وذلك تحت طائلة عدم القبول.
ويجب أن يتضمن مشروع مخطط الإنقاذ التفاصيل الدقيقة حول وضعية المقاولة وكذا طريقة الحفاظ على نشاط المقاولة من خلال البحث عن مصادرجديدة للتمويل أو تغيير رأسمال المقاولة وإعادة تكوينه في حدود المبلغ المقترح من قبل السنديك، أو إمكانية تفويتها إما كليا أو جزئيا لأحد الأغيار، كما أن تمكين رئيس المقاولة من إعداد مخطط الإنقاذ يتماشى مع الفلسفة التي بني عليها هذا النظام، يمكن المقاولة من احتفاظ رئيسها بمهام القيادة.
ويمر إنجاز مخطط الإنقاذ بمرحلتين أساسيتين الأولى تتعلق بالتشخيص يباشره السنديك والثانية تتجلى في تبني الحل الملائم لوضع المدين في ضوء نتيجة التشخيص.
ويعد المدين ملزما في مشروع مخطط الإنقاذ الذي يرفعه للمحكمة، أن يبين على وجه الدقة مجموع الديون العالقة بذمته وطبيعتها وكيفية تسويتها، كما يتعين عليه تضمين الضمانات الكفيلة لإنجاحه ويمكن أن تكون متعددة من قبيل الضمانات الشخصية للمسيرين أو عدم قابلية بعض الأموال للتفويت، كما أن المخطط يجب أن يبين فيه طريقة إعادة هيكلة الخصوم من أجل الوصول لغاية إنقاذ المقاولة.
ويرفق مشروع مخطط الإنقاذ بالوثائق المطلوبة لتقديم طلب فتح مسطرة الإنقاذ، وفي حالة قبول الطلب يقوم السنديك بإعداد الموازنة المالية للمقاولة والتي على أساسها يتم إما المصادقة على مشروع المخطط وإما تعديله وهذا ما نصت عليه المادة 569 من مدونة التجارة ، ولعل أهم ما يميز فترة إعداد المخطط أنه يضمن استمرارية المقاولة والحفاظ على قدرتها الإنتاجية، إلا أن هذه الاستمرارية تعتبر انتقالية ومحدودة سواء فيما يتعلق بالزمن المحدد لها أو فيما يتعلق بالآثار المترتبة عنها[7] .
إن المشرع المغربي أوكل مهمة إعداد المخطط لرئيس المقاولة وحده، على خلاف المشرع الفرنسي الذي أعطى لرئيس المقاولة إمكانية مساعدته من طرف الدائنين بخلاف المشرع المغربي[8].
[1] فاطمة الزهراء نكيم، مستجدات مدونة التجارة مساطر الوقاية والإنقاذ نموذجاً ، رسالة لنيل دبلوم الماستر القانون والممارسة القضائية شعبة القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، جامعة محمد الخامس الرباط، السنة الجامعية 7201/8201، ص 43
[2] حسب المادة 577 من مدونة التجارة، فإن هذه الوثائق تتحدد في:
– القوائم التركيبية لآخر سنة مالية مؤشر عليها من طرف مراقب الحسابات، إن وجد؛
– جرد وتحديد قيمة جميع أموال المقاولة المنقولة والعقارية؛
– قائمة بالمدينين مع الإشارة إلى عناوينهم، ومبلغ مستحقات المقاولة والضمانات الممنوحة لها بتاريخ التوقف عن الدفع؛
– قائمة بالدائنين مع الإشارة إلى عناوينهم ومبلغ ديونهم والضمانات الممنوحة لهم بتاريخ التوقف عن الدفع؛
– جدول التحملات؛
– قائمة الأجراء وممثليهم، إن وجدوا؛
– نسخة من النموذج 7 من السجل التجاري؛
– وضعية الموازنة الخاصة بالمقاولة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.
[3] هشام البخفاوي، عالي منبنو، الوجيز في مساطر صعوبات المقاولة، سلسلة منشورات مجلة القانون والاعمال . العدد 2 الطبعة الأولى 2015، الصفحة136 .
[4] فاطمة الزهراء نكيم، م س ، ص 45.
[5] هشام البخفاوي، عالي منينو، م س ، ص 136
[6] مصطفى خويا موح، مسطرة إنقاذ المقاولة في ضوء مسودة مشروع رقم 46 -09 ، رسالة لنيل دبلوم الماستر قانون الاعمال في القانون الخاص كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة القاضي عياض بمراكش ، السنة الجامعية 2017-2018، ص 90.
[7] مصطفي بونجة ،نهال اللواح، م س ، ص 179.
[8] عمر يدير، الأجهزة المتدخلة في مسطرة الإنقاذ ” مجلة قانون منازعات الاعمال الالكترونية مقال منشور في الموقع https://www.droitetentreprise.com تم الاطلاع عليه يوم 22-05-2024 على الساعة 45:9