التأصيل القانوني لمسطرة الانقاد في التشريع المغربي

التأصيل القانوني لمسطرة الانقاد في التشريع المغربي

يستعمل مفهوم الإنقاذ للدلالة على جميع مساطر المعالجة، التي تثم تحث إشراف المحكمة المختصة والتي تؤدي الدور الرئيسي في تحريكها، غير أنه بالحديث عن هذه المسطرة فإنه لابد من تحديد مفهومها (أولا)، وأهم خصائص هذه المسطرة (ثانيا).

أولا: تعريف مسطرة الإنقاذ

بالرجوع إلى مقتضيات القسم الثالث من الكتاب الخامس من مدونة التجارة، نجد أن المشرع المغربي لم يشر صراحة لتعريف محدد لمسطرة الإنقاذ، وإنما نص فقط من خلال المادة 560 من مدونة التجارة على أنه:” تهدف مسطرة الإنقاذ إلى تمكين المقاولة من تجاوز صعوباتها وذلك من أجل ضمان استمرارية نشاطها، والحفاظ على مناصب الشغل بها، وتسديد خصومها.

و يستشف من هذه المادة أن الغاية من وراء إحداث مسطرة الإنقاذ هي مساعدة المقاولة على تجاوز الصعوبات التي تعترضها، والرغبة في الحفاظ على مناصب الشغل المتواجدة فيها وتسديد خصومها، بحيث أن المشرع المغربي عمل على استلهام مسطرة الإنقاذ من القانون الفرنسي لسنة 2005، هذا الأخير الذي استلهمها بدوره من التشريع الأمريكي.[1]

وقد عرفها اتجاها فقهيا بكونها مسطرة هدفها تجاوز الصعوبات التي تعاني منها المقاولة دون أن تكون متوقفة عن الدفع وهذا التدخل يسعى إلى ضمان استمرار نشاطها وبذلك يمكن القول أن مسطرة الإنقاذ هي مسطرة تهدف إلى تجاوز صعوبات المقاولة وضمان استمراريتها وكذا الحفاظ على مناصب الشغل[2].

وعليه، فمسطرة الإنقاذ تتميز بكونها مسطرة إرادية وقائية هدفها الأساسي هو الكشف المبكر عن الصعوبات التي تعترض المقاولة، بحيث لم يعد شرطا لثبوت التوقف عن الدفع للاستفادة من الحماية القانونية للمقاولة التي تعاني من صعوبات تحول دون جعلها قادرة على سداد ديونها، إذ يمكن لرئيس المقاولة في هذه الحالة أن يلجأ إلى سلوك مسطرة الإنقاذ وذلك بمجرد تعرض المقاولة لصعوبات من شأنها أن تؤدي بها في وقت قريب إلى التوقف عن الدفع، ويتعين عليه أن يقدم مشروعا لمخطط الإنقاذ، يوضح من خلاله الآليات الكفيلة لإنقاذ المقاولة واتخاذ التدابيرالتي يراها مناسبة لإنجاح هذه مسطرة.

ثانيا: خصائص مسطرة الإنقاذ

تعتبر مسطرة الإنقاذ من بين أهم المستجدات التي جاء بها القانون 73.17 والذي استقراء  على ان مسطرة الإنقاذ تتميز بمجموعة من الخصائص تميزها عن مسطرتي التسوية والتصفية القضائيتين، ومن بين هذه الخصائص.[3]

أنها تعتبر مسطرة إرادية تطوعية تتوقف على إرادة المقاولة بخلاف مسطرة التسوية القضائية، وبالتالي فهي مسطرة غير نزاعية تصالحية، إلى حد أن بعض الفقه الفرنسي ذهب إلى أنها ذات بعد إنساني، الأمر الذي من شأنه تشجيع رؤساء المقاولات لسلكها مطمئنين على وضعهم ومركزهم.

كما تتميز هذه المسطرة كذلك بخاصية أساسية تتمثل في ايقاع الجزاءات على المسيرين، وبالتالي لا يمكن معاقبتهم على أخطاء التسيير سواء بعقوبات مهنية بإسقاط أهليتهم التجارية، أو مالية خلافا لما هو مقرر في نظام التسوية والتصفية القضائيين، أو جنائية كالتفالس.

وتجدر الإشارة إلى أن فتح مسطرة الإنقاذ تكون لفائدة المقاولة التي لا تكون في حالة التوقف عن الدفع، لكن تمر بصعوبات ليس بمقدور المقاولة بإمكانيتها المالية الذاتية أو الائتمانية تجاوزها في أمد قريب، قد يؤدي بها إلى التوقف عن الدفع.[4]

وقد وضع المشرع بين يدي رؤساء المقاولات آلية قانونية استباقية مهمة، حيث يستفيدون من الحصانة القضائية عند فتح المسطرة، وتمنعهم من أداء الديون السابقة ووقف المتابعة الفردية، وكذا إيقاف طرق التنفيذ رغم أنهم ليسوا في حالة التوقف عن الدفع[5].

ومن أهم مميزات هذه المسطرة أيضا، احتفاظ رؤساء المقاولات بسلطة التسيير خلافا لما هوعليه العمل في نظام التسوية القضائية، إلا أنه يبقى خاضعا بخصوص أعمال التصرف وتنفيذ مخطط الإنقاذ لمراقبة السنديك، وهذه المراقبة لا يمكنها أن تلغي إحدى عمليات التسيير، بل  إن السنديك لا يستطيع الإعتراض على إحدى هذه العمليات التي تتعارض مع المصلحة الإجتماعية للشركة ولا يملك سوى حق إعلام القاضي المنتدب بذلك.

وما يميز المسطرة كذلك هو استفادة الكفلاء من مقتضيات مخطط الإنقاذ من وقف سريان الفوائد بخلاف المقتضيات السابقة حسب أحكام المادة 572 من القانون 73.17 وهي ضمانات أقل من تلك الممنوحة لهم في إطار التسوية القضائية، ذلك أنهم يستفيدون فضلا عما ذكر من عدم سقوط الأجل وعدم الرجوع عليهم بالنسبة للديون المصرح بها[6].

إن مسطرة الإنقاذ المستحدثة في التشريع المغربي لا تتطلب لافتتاحها كما هو الشان في فرنسا توقف المقاولة عن الدفع، إنما يجب فقط أن تعاني من صعوبات ليس بمقدورها تجاوزها، ومن شأنها ان تؤدي في أجل قريب الى التوقف عن الدفع، وفي هذا الصدد تنص المادة 561 من مدونة التجارة على ما يلي:” يمكن أن تفتح مسطرة الإنقاذ بطلب من كل مقاولة دون أن تكون في حالة توقف عن الدفع تعاني من صعوبات ليس بمقدورها تجاوزها ومن شأنها أن تؤدي في أجل قريب الى التوقف عن الدفع”.

وبالرجوع إلى المادة 1-620 من القانون الفرنسي التي تقابلها  المادة 561 من مدونة التجارة نجدها تنص على أن المسطرة الإنقاذ تفتح بناء على طلب من مدين دون أن يكون في وضعية التوقف عن الدفع ويثبت أنه يعاني من صعوبات لا يستطيع تحملها.

وبمقارنة المادتين أعلاه نجد أن المشرع المغربي أضاف شرطا آخر وهو أن يكون من شأن الصعوبات التي تعاني منها المقاولة ان يؤدي في أجل قريب الى التوقف عن الدفع[7].

[1] مصطفي بونجة ،نهال اللواح، مساطير صعوبات المقاولة وفقا للقانون 17.73، دراسة عملية وتحليلية للكتاب الخامس من مدونة التجارة في ضوء مستجدات القانون رقم  17.73،منشورات المركز المغربي للتحكيم ومنازعات الاعمال2018   الطبعة الاولى ، الصفحة  165

[2] عبد الحميد اليعقوبي، أحكام مسطرة الإنقاذ وفقا القانون 17.73 ، القانون المغربي مقال منشور بالموقع الالكتروني https://www.9anonmaroc.com/2021/11/17-73.html?m=1 تم الاطلاع علية يوم 25 /05/2024، الساعة35 :11

[3] سفيان لشهب، مسطرة الانقاد الخصائص والمميزات وإجراءات المسطرة، مقال منشور بموقع  http://www.universitylifestyle.net/   تم الاطلاع علية يوم 25 /05/2024، الساعة35 :11

[4]عبد الرجيم شميعة، شرح احكام معالجة صعوبات المقاولة في ضوء القانون 73.17، الطبعة 2018، ص 112.

[5] عبد الرجيم شميعة، م س، ص 112 .

[6] سفيان لشهب، مرجع سابق

[7] محمد كرام، مساطر صعوبات المقاولة في التشريع المغربي في ضوء القانون 73.17، الجزء الأول، الطبعة الأولى 2019، ص 63.

التأصيل القانوني لمسطرة الانقاد في التشريع المغربي
Scroll to top