شروط مسطرة الانقاد في التشريع المغربي
شروط مسطرة الانقاد في التشريع المغربي
عمل المشرع المغربي على وضع شروط أساسية وجب توفرها في المقاولة التي تعاني من صعوبات، وذلك لكي تستفيد من هذه المسطرة إذ يجب أن يتعلق الأمر بمقاولة تجارية، وألا تكون المقاولة متوقفة عن الدفع، وأن تكون هناك صعوبات جدية من شأنها أن تؤدي بالمقاولة إلى التوقف عن الدفع.
وحيث انه يستوجب فتح مسطرة الإنقاذ في وجه المقاولة التي تعاني من الصعوبات متى توفرت على مجموع من الشروط.
أولا:أن يتعلق الأمر بمقاولة تجارية وألا تكون المقاولة متوقفة عن الدفع
* أن يتعلق الأمر بمقاولة تجارية
على خلاف القانون السابق الذي كان ينص على هذا الشرط في المادة 260 من مدونة التجارة الملغاة، التي كانت تنص على أنه مساطر معالجة صعوبات المقاولة تطبق على كل تاجر وكل حرفي وكل شركة تجارية، فإن قانون 73.17 قد حسم في هذا الشرط حسب مقتضيات المادة 546 من مدونة التجارة، بحيث حدد المقاولة الخاضعة لمساطر معالجة صعوبات المقاولة في الشخص الذاتي التاجر أو الشركة التجارية، حيث جاء في المادة المذكورة ما يلي: “يقصد بالمقاولة في مدلول هذا الكتاب الشخص الذاتي التاجر أو الشركة التجارية “.[1]
فالأشخاص الذين يحق لهم أن يستفيدوا من مسطرة الإنقاذ هم من يحملون الصفة التجارية التي حدد لها المشرع المغربي أحكام خاصة، لا على مستوى مدونة التجارة في قسمها الثاني المعنون باكتساب الصفة التجارية، ولا في بعض القوانين الخاصة التي تؤطر مسألة اكتساب الصفة التجارية.
وبهذا يكون المشرع المغربي قد خالف المشرع الفرنسي الذي وسع من نطاق تطبيق مسطرة الإنقاذ، بحيث نص في المادة 620.2 من القانون التجاري الفرنسي على أن مسطرة الإنقاذ تطبق على كل التجار، والحرفيين، والمزارعين، وكذا كل شخص طبيعي يمارس مهنة حرة، وكل شخص معنوي يخضع للقانون الخاص.[2]
*ألا تكون المقاولة متوقفة عن الدفع
نص المشرع في المادة 561 على ” أنه يمكن أن تفتح مسطرة الإنقاذ بطلب من كل مقاولة دون أن تكون في حالة توقف عن الدفع، تعاني من صعوبات ليس بمقدورها تجاوزها ومن شأنها أن تؤدي بها في أجل قريب إلى التوقف عن الدفع”.
ويلاحظ من خلال مقتضيات هذه المادة أنه لفتح مسطرة الإنقاذ وجب أن تكون المقاولة غير متوقفة عن الدفع، وذلك بسبب تلك الصعوبات التي تمر منها والتي تعجز عن تجاوزها بتلك الإمكانيات المالية الذاتية أو الائتمانية التي من شأنها أن تؤدي بها إلى التوقف عن الدفع.
وقد عرف المشرع المغربي التوقف عن الدفع بمقتضى المادة 575 من مدونة التجارة التي جاء فيها أنه ” تثبت حالة التوقف عن الدفع متى تحقق عجز المقاولة عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بأدائها بسبب عدم كفاية أصولها المتوفرة “.
وهذا ما قضى به حكم صادر عن المحكمة التجارية بمراكش: “حيث أن المحكمة وبموجب الحكم رقم 90 الصادر بتاريخ 2018/08/02 في الملف عدد 2018/8315/92 القاضي يفتح مسطرة الإنقاذ في حق السيد (س) واستنادا للمادة 564 من مدونة التجارة فإنه إذا تبين بعد فتح مسطرة الإنقاذ أن المقاولة كانت في حالة توقف عن الدفع في تاريخ النطق الحكم القاضي بفتح هذه المسطرة تعاين المحكمة حالة التوقف وتحدد تاريخه وفق مقتضيات المادة 713 أدناه، وتقضي بتحويل مسطرة الإنقاذ الى تسوية قضائية أو تصفية قضائية، وفق مقتضيات المادة 583 أدناه.
ولما تبت للمحكمة من خلال كتاب السنديك أن التوقف عن الدفع ثابت في حق المقاولة منذ بداية سنة 2017 نظر لأن هناك توقف عن الدفع تجاه البنك الشعبي لمراكش بني ملال، ذلك أن القرض سجل قسطا حاليا غير مؤدى بمبلغ 780.000 درهما بالإضافة إلى تجاوز الرصيد المدين للمقاولة بحوالي 700.000 درهم كما أن الوضعية تجاه الموردين جد صعبة لوجود ديون حالة ومستحقة بمقتضى شيكات رجعت بدون أداء وانخفاض رقم المعاملات بنسبة مهمة وإغلاق محلي سوق السبت والفقيه بن صالح وبالتالي فإن المقاولة عاجزة عن تغطية ديونها الحالة في حالة المطالبة بها.[3]
واذا كان التوقف عن الدفع شرط موضوعي لفتح مسطرة التسوية القضائية في حق المقاولة يثبت في حالة عجزها عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بأدائها بسبب عدم كفاية أصولها المتوفرة بما في ذلك الديون الناتجة عن الالتزامات المبرمة في إطار الاتفاق الودي المنصوص عليه في المادة 556 أعلاه وفقا للمادة 575 من مدونة التجارة، فإنه استنادا للمعطيات أعلاه تكون المقاولة متوقفة عن الدفع، إلا أن الاختلال الذي تعاني منه المقاولة قابل للتصحيح بالنظر إلى توفرها على امكانيات تجعلها قادرة على مواجهة الديون المتراكمة عليها، خاصة توفرها على عنصر مهم من الأصول المتداولة وقيمة مهمة من الموجودات بالإضافة إلى أصول جارية التي من شأنها أن تمكنها من استمرارية نشاطها خاصة وأنها عبرت عن رغبتها في مواصلة نشاطها وتشغيلها لعدد مهم من العمال يتقاضون أجورهم بانتظام.
ثانيا:وجود صعوبات جدية من شأنها أن تؤدي بالمقاولة إلى التوقف عن الدفع
تهدف مسطرة الإنقاذ إلى تجاوز الصعوبات المالية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو القانونية التي تعاني منها المقاولة، وذلك لضمان استمرار نشاط المقاولة والحفاظ على مناصب الشغل فيها، وكذا تسديد خصومها.
والمشرع المغربي اشترط لتقديم طلب الاستفادة من فتح مسطرة الإنقاذ وجود صعوبات من شأنها أن تؤدي بالمقاولة في أجل قريب إلى التوقف عن الدفع، إلا أنه لم يحدد نوعية الصعوبات الشيء الذي يخول للمحكمة السلطة التقديرية الواسعة في تكييف هذه الصعوبات، والوقوف على درجة خطورتها وتأثيرها على المقاولة.
وهذا ما قضت به المحكمة التجارية بمراكش بتاريخ 2/8/2018 بحيث جاء في تعليل هذا الحكم ما يلي: ” والثابت للمحكمة من خلال وثائق الملف ومستنداته أن الطالب يشتغل في مجال الفلاحة وأنه يعاني من صعوبات تتمثل في العجز عن أداء مجموعة من الديون الحالة نتيجة تعرضه للسرقة من قبل أحد مستخدميه، وأن قيمة هذه الديون تصل إلى مبلغ 5000.000.00 درهما وهي عبارة عن شيكات رجعت بدون أداء، وبالمقابل فإن المقاولة دائنة للأغيار بمبالغ مالية تقدر بقيمة 5000.000.00 درهما، ويتوفر على ضيعة فلاحية تدر عليه أرباح سنوية مهمة تناهز مليونين درهم سنويا، وعلى عقار ذي قيمة مالية مهمة وفقا للمادة 575 من مدونة التجارة، فإن حالة التوقف عن الدفع تثبت متى تحقق عجز المقاولة عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بأدائها بسبب عدم كفاية أصولها المتوفرة ومادام أن المقاولة تتوفر على أصول مهمة كافية لمجابهة الخصوم التي عليها على النحو المذكور، ورغم وجود صعوبات لا يمكن تجاوزها في أجل قريب فإن اختلالها ليس بنيويا ومستمرا، بل إنها لم تصل بعد المرحلة التوقف عن الدفع وفق التحديد أعلاه خاصة وأنها لم تتوصل بعد بإنذارات من قبل الدائنين، الأمر الذي يجعل شروط فتح هذه المسطرة قائمة “[4].
[1] [1] محمد كرام، مساطر صعوبات المقاولة في التشريع المغربي في ضوء القانون 73.17، الجزء الأول، الطبعة الأولى 2019، ص 63.
[2] مجيدة الزرهوني، مسطرة الإنقاذ كآلية للحفاظ على المقاولة، مقال منشور بمجلة قانونك الموسم الثالث 1443، العدد 12 أبريل- يونيو 2022، ص 360.
[3] حكم المحكمة التجارية بمراكش رقم 91 الصادر بتاريخ 27/9/2018 في الملف رقم 120/ 8302/2018، تمت الإشارة إليه في : مصطفى بونجة، نهال اللواح، م س ، ص 174 -173.
[4] حكم المحكمة التجارية بمراكش رقم 90 بتاريخ 2/8/2018 في الملف عدد 92/ 8315/ 2018، أشار إليه محمد كرام، مرجع سابق، ص 66.